Friday, March 28, 2008

وحشيه أستغلال"الخادمة" السريلانكيّة في لبنان والعالم العربي من قلم الاستاذ أسعد بو خليل:أستاذ العلوم السياسيّة في جامعة كاليفورنيا


أنا لو أنسى لن أنسى سوشار روسكي. أوَتذكرينها؟ تلك الخادمة السريلانكية المسكينة التي ماتت شنقاً تحت أنظار الناس وأمام أعين الكاميرات. أوَتذكرين عندما استفاق سكان مدينة صيدا عليها وهي تتدلّى من الشرفة، بعد أن شنقت نفسها بشراشف؟ أوَتتساءلين لماذا شنقت نفسها؟ أوَتودّين لو يتسنّى لكِ مساءلتها؟ تدلّت من الشرفة لساعات، ولا من يلاحظ أو يكترث. لماذا تدلّت سوشار من الشرفة، ولماذا لا نسمع أبداً بتحقيقات. انتحرت في ساعات الصباح الأولى، ولا من حقّق في ما حدث لها في الليلة الأخيرة. في كلّ مرة، تأتي الشرطة وتفتي العائلة أن الضحية اشتاقت إلى عائلتها فانتحرت. ويُقفل المحضر، هذا إن كان قد فُتح. الشرطة تأتي هكذا من باب رفع العتب. السيد والسيدة اللبنانية ـ أوَتلاحظين كم يهتمون بالألقاب ـ يفعلان بكنّ ما يشاءان؟ الكل يقتني لنفسه لقباً حتى إنّكِ لا تجدين من يقبل بالمناداة من دون لقب. هم أسياد وسيّدات وبكوات وشيوخ وعقد تمشي على الأرض. يكرّرون للشرطة أنكِ مكتئبة بسبب الغربة. وتتدلّين من الشرفة، ولساعات من دون أن تكترث ضمائر. المجالس الملليّة للطوائف الثلاث الكبرى تجتمع شهريّاً وتتحدّث عن كل الموضوعات، حتى عن الخلاف الحدودي بين الإكوادور وكولومبيا، إلا أنها لا تتحدث عنكِ أنت. حتى الحزب الشيوعي لا يتحدث عنكِ أبداً في بياناته، لعلهم متأثّرون بتقسيمات كارل ماركس الطبقيّة، إذ إنه يرى أنك من «البروليتاريا الرثّة» (وقرأنا في أحدث سيرة لماركس، لفرنسيس وين، أن سجلّه لم يكن ناصعاً في التعامل مع خادمة منزل عائلته).
الخادمة السريلانكية في لبنان، ما أبشع مصيرك في الغربة القاتلة. كم أخطأتِ في المجيء إلى بلادنا. هذا وطن مهووس بإسعاد الرجل الأبيض، وأنتِ تحتلين الموقع السفلي في سلّم التراتبية الطبقية والعنصريّة في البلاد. هم يرفضون أن تجلسي إلى موائدهم. هؤلاء لم يسمعوا بتحرير العبيد. عبيداً وجواري، هم يقتنون عندما يأتون بخادمة أجنبية إلى منازلهم. والخادمة ضرورية من أجل تلقين الأولاد مبادئ العنصرية والطبقية والكراهية. أنتِ ضرورة للفكرة اللبنانية. أراك أنتِ وحدك غير عابئة بسجالات 8 و 14 آذار. كلهم سواء في العنصرية ضدكِ.